خضر دوملي :ماذا يحتفظ البناء الذي اعاد بناء قباب لالش من ذكريات

ليس هناك حديث افضل من الذي تسمعه من البناء الذي باشر باعمار قباب معبد لالش وهو يسرد عليك اولى تلك اللحظات ، كيف كانوا يتصرفون تجاه الامر ، ماذا كانوا يقولون له ، وبما شعر هو به وهو يباشر بهذا العمل وماذا رأى تحت الانقاض ، هياكل عظمية وجرار كتابات وقصص غريبة وتدخلات للمخابرات العراقية .
هذه الاشياء والقصص هي جزء مما تحتفظ به ذاكرة البناء الذي اخذ اهمية اعمار قباب معبد لالش الذي بوشر به منذ عام 1976 الشيء الكثير من حياته ، جاسم عيدو الملقب بجاسم طوري يجعلك تصغي اليه باهتمام وهو ينقلك للحظات الاولى لاعمار المعبد ويستطيع ان يميز بين اول قبة بدء العمل بها ولحين اخرها .
يقول جاسم "لم اكن خائفا ولم يكن ينتابني اي شيء سوى السعادة لانني اقوم باعمار واعادة بناء قباب ومبنى معبد لالش من الداخل".
وينتقل بضحكة مميزة لتلك اللحظات ذاكرته عندما استفسرنا عن شعوره عندما بدء بأول خطوة للاعمار "استشرت كوجك سعيد رحمه الله قبل البدء وشجعني وقال عليك بعد الانتهاء من اعمار كل قبة كل مزار ان تنذر ذبيحة وتقدمها طعاما ".
لكن يقول جاسم "البعض وصفني انذاك بانني (فريك – نسبة الى فريق باشا الذي اقام فرمانا على الايزيدية في نهاية القرن التاسع عشر) والبعض كان يقول انك لاتخاف الله واخرين رفضوا في البداية العمل معي".
هذه ليست كل القضية يقول جاسم "منعونا من العمل في البداية ونحن نرتدي الاحذية ، لكن بير كمال ( بابا جاويش ) وجد مخرجا بالقول ، عليك ان ترتدي ذلك الحذاء فقط في المعبد واثناء العمل ونفس الشيء للعمال الذين يعملون معك وهكذا اصبح الجو امنا للبدء بالعمل".
بهذا هذه الصيغة يشير جاسم اصبح الكل مشجعا للعمل وبدأنا باعمار بيت الفقير ثم زمزم وجله خانه ودريى ميري ودريى قابيى .
اعمار معبد لالش كان له ردود فعل كثيرة لدى المجتمع الايزيدي ، لكن يقول جاسم " العمل مضى بسرعة وحقق نتيجة جيدة واستطعنا خلال كل اسبوعين ان ننهي من اعمار جزء مميز او قبة واكثر القباب بقينا نعمل فيها هي قبة شيخ عادي".
اعادة بناء المعبد كان له اثر كبير يشير البناء جاسم طوري اذ يقول فيما اذا كانوا قد لقوا تحفيات او اي شيء يشير الى تاريخ المعبد " عثرنا في بعض المواقع على لقى اثارية مهمة مثل خواتم وجرار وعملات ولكن للاسف لم نعرف كيف نحافظ عليها لاننا سلمناها لبيت الفقير وبابا جاويش وهي أما كسرت او ضاعت بين مواد البناء لاننا لم نكن نعرف اهميتها ".
وفيما اذا كان هناك شيء مميز عثروا عليها قال طوري "كثيرا ما كنا نعثر على العظام بقايا هياكل عظمية في مواقع العديد من القباب واغرب شيء انه في موقع شمسى ايزدينا عثرنا في عمق حوالي خمس امتار على مجموعة عظام بشرية بشكل لايمكن وصفه ".
الى جانب هذا الموقع يقول جاسم "عثرنا ايضا في (خزينا خرقا )على بقايا سبعة قبور غريبة متراصفة مع بعضها "
ليس هذا فقط بل يشير جاسم الى واقعة مهمة وهي " عثرنا على بقايا عشرات الهياكل العظمية لاناس قيل انهم احرقوا في احدى الفرمانات التي شنت على المعبد في بناية (قرقوري – لم يعرف جاسم لماذا يسمى بهذا الاسم ) ولاتزال موجودة واقفلنا عليها الباب واصبحت تحت سقف المبنى في غرفتين متلاصقتين يدخلها باب سري هو الاخر اخفيناه".
ويضيف جاسم الذي يقضي اوقات فراغه في البيت باعمال النجارة المنزلية "الى جانب العثور على بقايا هياكل عظمية عثرنا على خواتم واحجار عليها نقوش اخذوها منا بيت الفقير وبابا جاويش ولا اعلم ما هو مصيرها".
بناء القباب بهذا الشكل المخروطي ليس فن سهل ولذلك اتقانه من قبل جاسم جعله مميزا ووحيدا في هذا العمل لذلك يوضح هذا الامر بالقول "تعلمت هذا الفن في بناء القباب بشكل شخصي وهي تحتاج الى الكثير من المهارة وقياسات دقيقة ".
وعن اتقانه عمل البناء يقول " قبل ستة وخمسين عاما كنت في ال19 من العمر بدأت اولى محاولات البناء بعدما كنت عاملا اساعد بناء مسيحي يدعى ميخا وكذلك تعلمت البناءة بالطين مع والدي قليلا".
لكن الامر المهم في رحلة اعمار معبد لالش انذاك متابعة رجال المخابرات العراقية لاعمار المعبد يقول جاسم عن هذا الامر " اكتشفنا ان رجال حزب البعث يتابعون اعمار المعبد وظهر الامر جليا عندما عثرنا على حجر حلان عرضه 40 سم وطوله 180 سم كانت عليه كتابات غريبة لم نعرف ما فيها اتفقنا على ان نخفيه في موقع محدد لكن بعد يومين جاء رجال قيل لنا فيما بعد انهم من المخابرات العراقية وطالبونا ان ندلهم على موقع الحجر هذا وجاءوا ونقلوا كل الكتابة من قبل شخص على الورق ثم طالبونا بان نفتته فورا ".
ويأسف جاسم انهم لم يستطيعوا الحفاظ على هذه الصخرة لانه يبدو انه كان فيها شيئا تاريخيا مميزا بسبب الاهتمام الذي ابدوه به هؤلاء الرجال.
وينقل جاسم ذاكرته الى تلك الايام ليقول " لم يكن الكثير يعرف عن الواقعة سوى بابا شيخ وبيت الفقير وقوال سليمان وبعض العمال وما ادهشني الى الان كيف عرفوا بامر الحجر الذي عليه الكتابة".
احاديث عديدة شيقة وغريبة وتسميات لبقايا مزارات اختفت من ذاكرة الميثولوجيا الايزيدية يشير جاسم انهم عثروا على مواقع لمقام او نيشان ( موقع اشعال ال جرا – قنديل) لشخصيات مثل " سيد نعوم ( يرد ذكره في دعاء وجع الراس ) – قره جه ري ( خوداوند الطواحين – ئاش ) – سيد بدو ( من المتصوفة وله سمعة بينهم )– ومقام لزمبيل فروش ( والد شسوار) – ئومر مندان ( بير معروف من طبقة بير ) – سوهاق كوردي ( يقال انه لايزال هناك الكثير يقسمون باسمه ) – بير بوال ( بير معروف لايزال مقامه موجود بالقرب من هرير ) – بير سينى بحري ( بقايا مقامه في منطقة قريبة من قرية ايتوت شرق دهوك ) وبير هسن الكا ( ابن عم بير هسل ممان )– حاكمى طيب( من المتصوفة ) – قه سابى جومرد كوردي ( يقال انه من المتصوفة ومقامه واسمه معروف في الشام ) و ادريسي خياط ( كان خياط ملابس شيخ عادي* )"
جاسم وهو مواليد 1934 ولديه ( 5 ) بنين و( 5 ) بنات يقول ان لايزال يعمل بناءا ولكنه يشعر بسعادة اكبر عندما يرمم او يعيد بناء القباب والمزارات ولذلك عمل في العديد من القرى الايزيدية وكذلك عمل بناءا في اعادة بناء مزار شرف الدين في سنجار وكذلك العديد من المزارات والقباب في منطقة بن كندي ومزار محمد رشان في مجمع ( مه هد ) .
الامر المهم بالنسبة لجاسم هو " اعادة اعمار معبد لالش في هذا الوقت بحاجة الى التروي والدقة والاهتمام لانه لايزال هناك الكثير من العمل فيه والكثير من المواقع بحاجة التنقيب والحفريات".
تابع " اتمنى ان اعمل ثانية هناك اثناء حملة اعمار المعبد واعتقد ساسهم في العمل بشكل متميز ( قال مازحا افضل من الكثير من المختصين )"

واضاف جاسم وهو من قرية شاريا ( مجمع شاريا حاليا جنوب دهوك 15 كم) الذي يحتفظ بالكثير من الذكريات في معبد لالش ويعتبرها جزء مهم من حياته مع السدنة وعائلة الفقير والبيشيمام وخاصة بير كمال ( بابا جاويش ) الذي قال " كثير من الاشياء التي كنا نعثر عليها كان بير كمال يحتفظ بها والكثير من المواقع وال ( نيشان ) كان يحتفظ ويحفظ اسمائها عن ظهر قلب ، ويعرف في كل بقعة من بقاع المعبد ماذا يوجد تحت الارض وعليه ".
الشيء الاكثر اثارة لدى جاسم هو " العثور على العديد من الهياكل العظمية وبقايا عظام متناثرة في العديد من المواقع كان الشيء الاكثر اثارة للتساؤل بالنسبة لي والعاملين معي".

* ساعد رجل الدين شيخ علو خلف من قرية شاريا بتعريف الشخصيات التي تم تعريفها بين الاقواس كي تكون دقيقة واليه الشكر والتقدير.